كيف تشكلت العلمانيات عبر التاريخ؟
في هذا الكتاب الصادر عن «المنشورات الجامعية الفرنسية»، يقدم المؤرخ مقاربة تاريخية، بيداغوجية للعلمانية، مع التأكيد على أن تعبير «علمانية» أو لائكية يبقى وقفا على بعض البلدان.
غير أن المفهوم يتجاوز هذه الدلالة ليشمل مجالات أوسع وأرحب. ويأتي بوبيرو على ذكر «البيان العالمي للعلمانية في القرن الواحد والعشرين»، الذي كان أحد موقعيه، مشيرا إلى أن «مسلسل العلمنة ينبثق ويظهر لما تفقد الدولة شرعيتها الدينية ولما يخوض كل المواطنين في النقاش بسلم وبمساواة لممارسة سيادتهم في ميدان تجريب السلطة السياسية
فيما ألفنا الحديث عن العلمانية بصيغة المفرد، أكد المؤرخون والفلاسفة وعلماء الاجتماع على طابعها المتعدد. تلك هي فرضية البحث التي يقترحها علينا جان بوبيرو، الذي يكاد يكون وبلا منازع أحد كبار المتمكنين من تاريخها وملابسات تطورها. يقطع المؤرخ وعالم السوسيولوجيا إذن مع التقليد الحصري القائل إن فرنسا هي أم العلمانية، ليقترح أطروحة تقول بعلمانية بصيغة الجمع مع التشديد على فكرة أن العلمانية ليست بمفهوم خالص ومجرد يتجاوز الأزمنة والأمكنة، بل هي محصلة مسلسلات تاريخية متنوعة ومتباينة، وأنها تترجم أسسا فلسفية تطابق حقائق اجتماعية، ثقافية وسياسية. هذا لا يعني بأن هذه العلمانيات تتساوى بعضها مع بعض، بل تفترض في كل موقع وكل وضع، على الأقل، تجاوز العتبة الأولى. يبقى تدخل جان بوبيرو في الموضوع حاسما بالنظر إلى تكوينه العلمي والمعرفي في الموضوع. يلاحظ أن العلمانية تحتل اليوم قلب النقاش السياسي، بمعزل عن نوعية المقتنعات الدينية والقناعات السياسية بسبب انبثاق المسألة الدينية والإسلاموية في المشهد العام.
ولد جان بوبيرو في 26 يوليوز من عام 1941. و هو يعتبر أحد الأخصائيين العالميين في سوسيولوجيا الأديان، وكان أول من أسس للبحث في مجال سوسيولوجيا العلمانية. بعد تسييره كرسي «تاريخ وسوسيولوجيا البروتستانتية» (1978-1990)، أشرف على كرسي «تاريخ وسوسيولوجيا العلمانية» بالمدرسة التطبيقية للدراسات العليا في باريس التي يشغل بها اليوم منصب رئيس شرفي. يقارب نتاجه في موضوع العلمانية 20 كتابا. كما أنه من بين محرري «الإعلان العالمي للعلمانية»، الذي وقعه 250 باحثا جامعيا ينتمون إلى 30 بلدا. شغل لمدة سنة، ما بين 1997 و 1998، منصب مستشار تقني في ديوان سيغولين رويال لما كانت وزيرة مكلفة بالتعليم.
للعلمانية ثلاثة مظاهر: المظهر الأول هو أن الدولة تقوم على مبدأ العلمانية. المظهر الثاني هو أن حرية الفكر والعبادة مضمونة ومطلقة. وأخيرا، أن الاعتقادات (الدينية أو اللادينية) تتساوى بعضها مع بعض. فالعلمانية تعني بهذا المعنى أن الدولة تحافظ على حيادها لخدمة حقوق الإنسان وحرية الفكر.
في هذا الكتاب الصادر عن منشورات «المنشورات الجامعية الفرنسية»، يقدم المؤرخ مقاربة تاريخية، بيداغوجية للعلمانية، مع التأكيد على أن تعبير «علمانية» أو لائكية يبقى وقفا على بعض البلدان. غير أن المفهوم يتجاوز هذه الدلالة ليشمل مجالات أوسع وأرحب. ويأتي بوبيرو على ذكر «البيان العالمي للعلمانية في القرن الواحد والعشرين»، الذي كان أحد موقعيه، مشيرا إلى أن «مسلسل العلمنة ينبثق ويظهر لما تفقد الدولة شرعيتها الدينية ولما يخوض كل المواطنين في النقاش بسلم وبمساواة لممارسة سيادتهم في ميدان تجريب السلطة السياسية. ويضيف الإعلان بأن العلمانية ليست وقفا على ثقافة، أمة أو قارة بعينها. فقد توجد في ظرفيات لم تستعمل فيها الكلمة من قبل. تقطع هذه المقاربة مع الآراء المسبقة، مع العلم أنها لا تختلف ولا تتفاوت مع التصور، الذي طرحه الآباء المؤسسون للعلمانية، هكذا، يشير مقترح القانون الفرنسي الداعي إلى فصل الدين عن الدولة المؤرخ بعام 1905، الذي حرره أريستيد بريان، إلى عدة بلدان تقع تحت نظام العلمانية من بينها البرازيل، كندا، الولايات المتحدة والمكسيك. أما الفيلسوف فيردينان بويسون، الذي يعتبر أول من طرح الفكر العلماني، فقد أكد عام 1883 بأن فرنسا هي أكبر بلد أوروبي علماني. معنى ذلك انه أقر بوجود بلدان علمانية أخرى. ويرى بويسون بأن العلمانية تتجذر في مسلسل تاريخي تحررت فيه العديد من وظائف الحياة الاجتماعية من وصاية الكنيسة. في نهاية المطاف نصل إلى «دولة علمانية، محايدة تجاه كل المعتقدات، مستقلة عن جميع السلطات الدينية، ومتخلصة من كل التصورات اللاهوتية». توفر هذه الحكامة السياسية مساواة للجميع أمام العدالة عبر ممارسة الحقوق المدنية المضمونة، وبمنأى عن أي قناعة دينية وأيضا ضمان «حرية ممارسة جميع المعتقدات».
العناصر المؤلفة للعلمانية
تشير عالمة الاجتماع الكندية ميشلين ميلو إلى أن حياد الدولة، الاستقلال السياسي، واستقلال المؤسسات العمومية حيال المعايير الدينية، حرية المعتقد والدين، وكذا المساواة بين الأفراد أصحاب القناعات المتباينة هي العناصر المِؤلفة للعلمانية. ويعرف الفيلسوف سالف الذكر العلمانية بناء على ثلاثة مبادئ: احترام حرية الفكر وممارستها الفردية والجماعية، واستقلالية ما هو سياسي واستقلالية المجتمع المدني تجاه المعايير الدينية والفلسفية، وغياب أي تمييز، سواء كان مباشرا أو غير مباشر، تجاه الكائنات البشرية. هكذا إن تغير المعجم، فإن الإشكالية بقيت قريبة من تلك التي طرحها الآباء المؤسسون.
بالإمكان إذن دراسة أشكال متنوعة من العلمانيات الموجودة في العالم مع التركيز على المسلسلات التاريخية، التي ساهمت في تشكلها، والأسس الفلسفية التي منحتها الشرعية والواقع الاجتماعي والسياسي الراهن مع إعطاء الأسبقية إما إلى الحياد أو الفصل بين الدين والدولة أو حرية الفكر وعدم التمييز. ليست هذه العلمانيات متساوية، ومن الممكن تقييمها اعتمادا على هذه المؤشرات الأربعة. لكن هذا يقتضي على الأقل تجاوز أولى عتبات العلمانية. يقترح عالم السوسيولوجيا المكسيكي، روبيرتو بلانكارت، تعريف هذه العتبة كـ«نظام اجتماعي للتعايش تصطبغ مؤسساته السياسية بشرعية السيادة الشعبية وليس بواسطة العوامل الدينية. تتحدد أهمية هذا التعريف على ثلاثة أصعدة: أولا، يذكر بأن كلمة «علمانية» مردها إلى أصل إغريقي، «لاوس»، الشعب المتباين عن رجالات الدين. يرتبط هذا التعريف، ثانيا، بفكرتين مركزيتين تتحكم فيهما نظرية التعاقد، ضمنهما فكرة الفرد بصفته صاحب حقوق. أخيرا. يشاطر عالم الاجتماع المكسيكي الفيلسوف البلجيكي بيرنز الرأي بالقول إن العلمانية توجد في علاقة توتر ليس فحسب مع الدين، بل أيضا مع الدولة.
ويؤكد بلانكارت الحديث على «بقاء أشكال تقديس السلطة، حتى باسم أشكال لادينية». قد يتأتى عن هذا الوضع صراع «من أجل علمنة العلمانية». فالتمايزات المشكلة للعلمانية، كما يوضح الفيلسوف بيرنز، ليست مكتسبة بصفة نهائية». بعد ترسيمه لهذا الإطار، يشير جان بوبيرو إلى أنه بمنأى عن تصور سكوني، وبمنأى عن الفكرة الوطنية للعلمانية بصفتها «استثناء فرنسيا». نعثر هنا على مقاربة عقلانية ودينامية للعلمانية تتضافر بداخلها العلوم الإنسانية والفلسفة بهدف بناء المعرفة.
أولى العولمات
بدءا من القرن السادس عشر، شرعت أوروبا في غزو العالم لتفرض بالتدريج على الدول التي تم احتلالها معاييرها ومقاييسها. في غزواتها نقلت معها الديانة المسيحية، لكن من نتائج هذا التوسع، وهنا المفارقة، هو نماء وتطور مسلسل العلمانية. لما دخلوا الصين أعرب اليسوعيون عن إعجابهم بالحضارة الصينية. كما حاولوا خلق مثاقفة بين المسيحية والحضارة الصينية، وقد أطلقت على هذه المحاولة تسمية «قضية الطقوس الصينية». لكن البابا ندد آنذاك بهذه المحاولة، التي كانت على الرغم من ذلك، وراء التعريف بحضارة غير مسيحية. هكذا استشهد عنصر الأنوار بكونفوشيوس، الذي تم تأويله بطرق علمانية. أما أمريكا الجنوبية فقد تحولت إلى مختبر. وليس من قبيل الصدفة أن يشير بريان أريستيد عام 1905 إلى بلدان أمريكية كأنموذج للعلمانية. غير أن مسارب العلمانية كانت ملتوية ومتلونة. إذ أقام اليسوعيون في القرن السابع عشر في الباراغواي ما يشبه الجمهورية المسيحية لحماية «الهنود الغواراني» من بطش صيادي العبيد. لكن البرتغال وإسبانيا طردوا على العكس آباء الكنيسة ليحصلوا من روما على إلغاء النظام القائم، الذي أعيد فرضه من جديد عام 1814. بدله طرح نظام «الرعاية الملكية»، فأدمجت بموجبه الكنيسة داخل الدولة. وفي أمريكا الشمالية، طبق المتزمتون من المهاجرين البروتستانت، بسبب الاعتداءات التي طالتهم، نفس الخروقات على جنسيات وأقوام أخرى. غير أن بعض الأطراف عارضت العلاقة القائمة بين الدين والسياسة. وقد ذهب القسيس روجيه وليامز إلى حد إطلاق أول مشروع من أجل دولة لائكية، يمكن أن ينجز فيه الفصل بين الدين والدولة. ويرى وليامز بأن الدولة «مدنية في جوهرها فيما الكنيسة مجموعة من المؤمنين تنطبق على تجمعاتهم نفس القاعدة التنظيمية التي تنطبق على الجمعيات الطبية أو جمعيات المحامين». حرية الفكر والمعتقد مضمونة إذن للجميع، بمن فيهم الملحدون. بعد هذا المسح الأولي لتاريخ العلمانية، ينتقل جان بوبيرو إلى دراسة التاريخ الفعلي والعملي.
الزمنية والعلمانية
يقال أحيانا إن كلمة علمانية لا يمكن نقلها إلى لغات أخرى، وخاصة إلى الإنجليزية. تجدر الإشارة إلى أن أصل الكلمة إغريقي (لاووس)، ويقال في اللاتينية لايكوس (الشخص الذي لم يتلق الأوامر الدينية). استعملت اللغة الإنجليزية كلمة Layman، وقدمت الأكاديمية الفرنسية تعريفا للعلمانية بصفتها مذهبا «يعترف للعلمانيين بحق تسيير الكنيسة». في القرن العشرين استعمل الإنجليز مفهم laicization إشارة إلى تنامي سلطة اللائكيين (الملك ومستشاروه السياسيون، الخ) داخل حكومة الكنيسة.
من هنا أصل التعقيد الدلالي أو السيمانتيقي الذي يرافق هذه الكلمة. في اللغة الفرنسية تطورت دلالة العلمانية بالتدريج لتعني في الأخير «الاستقلال تجاه أي معتقد ديني وتجاه أي مبدأ له صبغة دينية، تبعا للتعريف الذي قدمه معجم لاروس عام 1888، في إطار تصطبغ فيه المسيحية بصبغة سياسية. وللحصول على الاستقلال كانت اللحظة العلمانية المناهضة للسلطة الدينية من الضروريات. وفي بريطانيا دعا تيار مناهض للإكليريكية إلى تقوية «النزعة العلمانية». وقد أسس دعاة هذا التيار المجتمع العلماني الوطني National Secular Society
تترجم الوثائق الدولية كلمة «علمانية» بـ«Secularism» والعكس بالعكس. ويقدم منظرو العلمانية ثلاثة مؤشرات للتعريف بالكلمة: حرية المعتقد، المواطنة اللائكية (بمعنى أن الحقوق والواجبات لا علاقة لها بالانتماءات و بالمعتقدات الدينية)، وأخيرا الفصل لما تتأتى شرعية الدولة من مصدر لائكي ينبني على موافقة المحكومين، مقابل حفاظ الدولة على حيادها، أي لا تدافع ولا تمول أي تيار ديني.
الأسس الفلسفية للعلمانية
يتوقف تكون المجتمعات اللائكية على استقلالية العمل السياسي تجاه الدين، لكن ضمن إطار تعددية دينية. في هذا البنيان، ساهم فلاسفة أمثال ابن رشد ومفكرون سياسيون أمثال جان بودان أو رجالات لاهوت مثل وليامز. وقد انتشرت في القرن السابع عشر الأفكار ما قبل لائكية. وكشف الحقوقي الهولندي غروتيوس عن وجود عقد أولي يتخلى بموجبه الناس عن وضعهم الطبيعي. أما هوبز، الذي راقب عن كثب الأحداث السياسية التي عاشتها إنجلترا، فيقدم أطروحة تقول إنه للإفلات من حالة الحرب والخوف، يمنح البشر سلطة اصطناعية ولا محدودة للأمير. لكن تشرذم المسيحية، مع انبثاق تعددية المواقف والآراء، وضع حدا للفرق الموجود بين السلطة الدنيوية والسلطة الدينية. وقد دعا سبينوزا إلى «حرية الفكر، «مؤكدا على أن «مراس المعتقد الديني والأشكال الخارجية للتعبد يجب أن تضبطا على معياري السلم ومصلحة الدولة» اللتين تشكلان مصدر القانون المدني والقانون القدسي».
وردا على التجاوزات التي وقعت خلال ما سمي بـ «تصريح نانت»، رفض بيار بايلي إكراهات الدين، مشيرا إلى أن الإلحاد ليست له أي عواقب سلبية على العلاقات الاجتماعية. شكل فكر بايلي تحولا أساسيا، إذ سمح للأسس الفلسفية للفكر العلماني بأن تأخذ شكلها النسقي وبأن تساعد لاحقا على انبثاق تحول في العلاقات بين الديني والسياسي.
أما الفيلسوف الإنجليزي جون لوك فقد عمق بدوره هذا النهج في «رسالة عن التسامح» ( 1986 – 1689 )، متأثرا بالتجربة الإنجليزية وبالمناخ السائد آنذاك في هولندا، وحقق كتابه اختراقا هاما. وأكد جون لوك على ضرورة التمييز بين ما يتعلق بالحكومة المدنية وما يخص الدين مع تحديد الفواصل التي تميزهما. فولتير هو أحد الفلاسفة الذين شددوا على ضرورة هذا الفصل. وقد عاش منفيا لمدة ثلاث سنوات في إنجلترا حيث استلهم أفكار الفلاسفة الإنجليز ورجالات السياسة للتنديد باستبدادية الملك، في الوقت الذي تمارس بإنجلترا سيادة البرلمان. ويشير فولتير إلى أن أولى الديانات التي جاءت باللاتسامح هي الديانة المسيحية. أما جان-جاك روسو فيدعو إلى ديانة مدنية ساعيا إلى التوفيق بين هوبز ولوك.
الجغرافية السياسية للعلمانية
تهم الجغرافية السياسية «البنيات الإيديولوجية» المؤسسة لكل مجتمع، معتقداته، طقوسه، و«الآلية الداخلية المميزة» لما هو ديني، في علاقاتها بالسياسي. لما تفرض على الفضاء السوسيو-سياسي هيمنة تصور أحادي ينحو إلى فرض معاييره، فإن العلمنة تعني في هذه الأثناء تخلص المجتمعات من هيمنة الدين لصالح «هيمنة جديدة»، هيمنة لائكية. غير أن المسار يمكن أن ينقلب أو ينحرف كما تشهد على ذلك «الفاشية» والشيوعية» التي هي ديانات دنيوية، أو كما تبرهن على ذلك أيضا عودة الدين التي تحركها مزاعم وطموحات سياسية.
في الربع الثالث من القرن العشرين وقعت المواجهة، بغاية إحكام الهيمنة، بين أيديولوجيتين: مشروع الأمة العظمى الذي حمله جمال عبد الناصر، والمشروع الذي دعا إلى إنجازه الملك فيصل حول فكرة وحدة المسلمين. غير أن ثلاث قوى سياسية ناصرت العلمانية: الأحزاب الشيوعية، حزب البعث الحاكم في كل من سوريا والعراق، ثم حزب الدستور الجديد بزعامة بورقيبة. لكن أوهام التيار القومي، إضافة إلى الاحتلال المستمر للقدس الشرقية، و كذا الثورة الإيرانية، غيرت كل المعطيات. وستعرف المنطقة تسارعا للأحداث مع الحرب العراقية الإيرانية، والحرب الأهلية بلبنان، وبالجزائر، وفشل مفاوضات أوسلو، وانبثاق أسامة بن لادن ومنظمة القاعدة، وتدخل أمريكا لتفكيك أفغانستان والعراق. في هذه الظرفية تقلص مجال العلمانية ولم يعد للنخبة، التي كانت تناضل من أجل فصل الدين عن الدولة، أي تأثير على النقاش والمناظرة لسبب بسيط هو أن النموذج الغربي، الذي اتكأت عليه وجعلت منه مرجع مراجعها، هو الذي أجج العنف الذي قوض من الداخل هذه المجتمعات.
المعطي قبال http://almassae.ma/node/15224
في هذا الكتاب الصادر عن «المنشورات الجامعية الفرنسية»، يقدم المؤرخ مقاربة تاريخية، بيداغوجية للعلمانية، مع التأكيد على أن تعبير «علمانية» أو لائكية يبقى وقفا على بعض البلدان.
غير أن المفهوم يتجاوز هذه الدلالة ليشمل مجالات أوسع وأرحب. ويأتي بوبيرو على ذكر «البيان العالمي للعلمانية في القرن الواحد والعشرين»، الذي كان أحد موقعيه، مشيرا إلى أن «مسلسل العلمنة ينبثق ويظهر لما تفقد الدولة شرعيتها الدينية ولما يخوض كل المواطنين في النقاش بسلم وبمساواة لممارسة سيادتهم في ميدان تجريب السلطة السياسية
فيما ألفنا الحديث عن العلمانية بصيغة المفرد، أكد المؤرخون والفلاسفة وعلماء الاجتماع على طابعها المتعدد. تلك هي فرضية البحث التي يقترحها علينا جان بوبيرو، الذي يكاد يكون وبلا منازع أحد كبار المتمكنين من تاريخها وملابسات تطورها. يقطع المؤرخ وعالم السوسيولوجيا إذن مع التقليد الحصري القائل إن فرنسا هي أم العلمانية، ليقترح أطروحة تقول بعلمانية بصيغة الجمع مع التشديد على فكرة أن العلمانية ليست بمفهوم خالص ومجرد يتجاوز الأزمنة والأمكنة، بل هي محصلة مسلسلات تاريخية متنوعة ومتباينة، وأنها تترجم أسسا فلسفية تطابق حقائق اجتماعية، ثقافية وسياسية. هذا لا يعني بأن هذه العلمانيات تتساوى بعضها مع بعض، بل تفترض في كل موقع وكل وضع، على الأقل، تجاوز العتبة الأولى. يبقى تدخل جان بوبيرو في الموضوع حاسما بالنظر إلى تكوينه العلمي والمعرفي في الموضوع. يلاحظ أن العلمانية تحتل اليوم قلب النقاش السياسي، بمعزل عن نوعية المقتنعات الدينية والقناعات السياسية بسبب انبثاق المسألة الدينية والإسلاموية في المشهد العام.
ولد جان بوبيرو في 26 يوليوز من عام 1941. و هو يعتبر أحد الأخصائيين العالميين في سوسيولوجيا الأديان، وكان أول من أسس للبحث في مجال سوسيولوجيا العلمانية. بعد تسييره كرسي «تاريخ وسوسيولوجيا البروتستانتية» (1978-1990)، أشرف على كرسي «تاريخ وسوسيولوجيا العلمانية» بالمدرسة التطبيقية للدراسات العليا في باريس التي يشغل بها اليوم منصب رئيس شرفي. يقارب نتاجه في موضوع العلمانية 20 كتابا. كما أنه من بين محرري «الإعلان العالمي للعلمانية»، الذي وقعه 250 باحثا جامعيا ينتمون إلى 30 بلدا. شغل لمدة سنة، ما بين 1997 و 1998، منصب مستشار تقني في ديوان سيغولين رويال لما كانت وزيرة مكلفة بالتعليم.
للعلمانية ثلاثة مظاهر: المظهر الأول هو أن الدولة تقوم على مبدأ العلمانية. المظهر الثاني هو أن حرية الفكر والعبادة مضمونة ومطلقة. وأخيرا، أن الاعتقادات (الدينية أو اللادينية) تتساوى بعضها مع بعض. فالعلمانية تعني بهذا المعنى أن الدولة تحافظ على حيادها لخدمة حقوق الإنسان وحرية الفكر.
في هذا الكتاب الصادر عن منشورات «المنشورات الجامعية الفرنسية»، يقدم المؤرخ مقاربة تاريخية، بيداغوجية للعلمانية، مع التأكيد على أن تعبير «علمانية» أو لائكية يبقى وقفا على بعض البلدان. غير أن المفهوم يتجاوز هذه الدلالة ليشمل مجالات أوسع وأرحب. ويأتي بوبيرو على ذكر «البيان العالمي للعلمانية في القرن الواحد والعشرين»، الذي كان أحد موقعيه، مشيرا إلى أن «مسلسل العلمنة ينبثق ويظهر لما تفقد الدولة شرعيتها الدينية ولما يخوض كل المواطنين في النقاش بسلم وبمساواة لممارسة سيادتهم في ميدان تجريب السلطة السياسية. ويضيف الإعلان بأن العلمانية ليست وقفا على ثقافة، أمة أو قارة بعينها. فقد توجد في ظرفيات لم تستعمل فيها الكلمة من قبل. تقطع هذه المقاربة مع الآراء المسبقة، مع العلم أنها لا تختلف ولا تتفاوت مع التصور، الذي طرحه الآباء المؤسسون للعلمانية، هكذا، يشير مقترح القانون الفرنسي الداعي إلى فصل الدين عن الدولة المؤرخ بعام 1905، الذي حرره أريستيد بريان، إلى عدة بلدان تقع تحت نظام العلمانية من بينها البرازيل، كندا، الولايات المتحدة والمكسيك. أما الفيلسوف فيردينان بويسون، الذي يعتبر أول من طرح الفكر العلماني، فقد أكد عام 1883 بأن فرنسا هي أكبر بلد أوروبي علماني. معنى ذلك انه أقر بوجود بلدان علمانية أخرى. ويرى بويسون بأن العلمانية تتجذر في مسلسل تاريخي تحررت فيه العديد من وظائف الحياة الاجتماعية من وصاية الكنيسة. في نهاية المطاف نصل إلى «دولة علمانية، محايدة تجاه كل المعتقدات، مستقلة عن جميع السلطات الدينية، ومتخلصة من كل التصورات اللاهوتية». توفر هذه الحكامة السياسية مساواة للجميع أمام العدالة عبر ممارسة الحقوق المدنية المضمونة، وبمنأى عن أي قناعة دينية وأيضا ضمان «حرية ممارسة جميع المعتقدات».
العناصر المؤلفة للعلمانية
تشير عالمة الاجتماع الكندية ميشلين ميلو إلى أن حياد الدولة، الاستقلال السياسي، واستقلال المؤسسات العمومية حيال المعايير الدينية، حرية المعتقد والدين، وكذا المساواة بين الأفراد أصحاب القناعات المتباينة هي العناصر المِؤلفة للعلمانية. ويعرف الفيلسوف سالف الذكر العلمانية بناء على ثلاثة مبادئ: احترام حرية الفكر وممارستها الفردية والجماعية، واستقلالية ما هو سياسي واستقلالية المجتمع المدني تجاه المعايير الدينية والفلسفية، وغياب أي تمييز، سواء كان مباشرا أو غير مباشر، تجاه الكائنات البشرية. هكذا إن تغير المعجم، فإن الإشكالية بقيت قريبة من تلك التي طرحها الآباء المؤسسون.
بالإمكان إذن دراسة أشكال متنوعة من العلمانيات الموجودة في العالم مع التركيز على المسلسلات التاريخية، التي ساهمت في تشكلها، والأسس الفلسفية التي منحتها الشرعية والواقع الاجتماعي والسياسي الراهن مع إعطاء الأسبقية إما إلى الحياد أو الفصل بين الدين والدولة أو حرية الفكر وعدم التمييز. ليست هذه العلمانيات متساوية، ومن الممكن تقييمها اعتمادا على هذه المؤشرات الأربعة. لكن هذا يقتضي على الأقل تجاوز أولى عتبات العلمانية. يقترح عالم السوسيولوجيا المكسيكي، روبيرتو بلانكارت، تعريف هذه العتبة كـ«نظام اجتماعي للتعايش تصطبغ مؤسساته السياسية بشرعية السيادة الشعبية وليس بواسطة العوامل الدينية. تتحدد أهمية هذا التعريف على ثلاثة أصعدة: أولا، يذكر بأن كلمة «علمانية» مردها إلى أصل إغريقي، «لاوس»، الشعب المتباين عن رجالات الدين. يرتبط هذا التعريف، ثانيا، بفكرتين مركزيتين تتحكم فيهما نظرية التعاقد، ضمنهما فكرة الفرد بصفته صاحب حقوق. أخيرا. يشاطر عالم الاجتماع المكسيكي الفيلسوف البلجيكي بيرنز الرأي بالقول إن العلمانية توجد في علاقة توتر ليس فحسب مع الدين، بل أيضا مع الدولة.
ويؤكد بلانكارت الحديث على «بقاء أشكال تقديس السلطة، حتى باسم أشكال لادينية». قد يتأتى عن هذا الوضع صراع «من أجل علمنة العلمانية». فالتمايزات المشكلة للعلمانية، كما يوضح الفيلسوف بيرنز، ليست مكتسبة بصفة نهائية». بعد ترسيمه لهذا الإطار، يشير جان بوبيرو إلى أنه بمنأى عن تصور سكوني، وبمنأى عن الفكرة الوطنية للعلمانية بصفتها «استثناء فرنسيا». نعثر هنا على مقاربة عقلانية ودينامية للعلمانية تتضافر بداخلها العلوم الإنسانية والفلسفة بهدف بناء المعرفة.
أولى العولمات
بدءا من القرن السادس عشر، شرعت أوروبا في غزو العالم لتفرض بالتدريج على الدول التي تم احتلالها معاييرها ومقاييسها. في غزواتها نقلت معها الديانة المسيحية، لكن من نتائج هذا التوسع، وهنا المفارقة، هو نماء وتطور مسلسل العلمانية. لما دخلوا الصين أعرب اليسوعيون عن إعجابهم بالحضارة الصينية. كما حاولوا خلق مثاقفة بين المسيحية والحضارة الصينية، وقد أطلقت على هذه المحاولة تسمية «قضية الطقوس الصينية». لكن البابا ندد آنذاك بهذه المحاولة، التي كانت على الرغم من ذلك، وراء التعريف بحضارة غير مسيحية. هكذا استشهد عنصر الأنوار بكونفوشيوس، الذي تم تأويله بطرق علمانية. أما أمريكا الجنوبية فقد تحولت إلى مختبر. وليس من قبيل الصدفة أن يشير بريان أريستيد عام 1905 إلى بلدان أمريكية كأنموذج للعلمانية. غير أن مسارب العلمانية كانت ملتوية ومتلونة. إذ أقام اليسوعيون في القرن السابع عشر في الباراغواي ما يشبه الجمهورية المسيحية لحماية «الهنود الغواراني» من بطش صيادي العبيد. لكن البرتغال وإسبانيا طردوا على العكس آباء الكنيسة ليحصلوا من روما على إلغاء النظام القائم، الذي أعيد فرضه من جديد عام 1814. بدله طرح نظام «الرعاية الملكية»، فأدمجت بموجبه الكنيسة داخل الدولة. وفي أمريكا الشمالية، طبق المتزمتون من المهاجرين البروتستانت، بسبب الاعتداءات التي طالتهم، نفس الخروقات على جنسيات وأقوام أخرى. غير أن بعض الأطراف عارضت العلاقة القائمة بين الدين والسياسة. وقد ذهب القسيس روجيه وليامز إلى حد إطلاق أول مشروع من أجل دولة لائكية، يمكن أن ينجز فيه الفصل بين الدين والدولة. ويرى وليامز بأن الدولة «مدنية في جوهرها فيما الكنيسة مجموعة من المؤمنين تنطبق على تجمعاتهم نفس القاعدة التنظيمية التي تنطبق على الجمعيات الطبية أو جمعيات المحامين». حرية الفكر والمعتقد مضمونة إذن للجميع، بمن فيهم الملحدون. بعد هذا المسح الأولي لتاريخ العلمانية، ينتقل جان بوبيرو إلى دراسة التاريخ الفعلي والعملي.
الزمنية والعلمانية
يقال أحيانا إن كلمة علمانية لا يمكن نقلها إلى لغات أخرى، وخاصة إلى الإنجليزية. تجدر الإشارة إلى أن أصل الكلمة إغريقي (لاووس)، ويقال في اللاتينية لايكوس (الشخص الذي لم يتلق الأوامر الدينية). استعملت اللغة الإنجليزية كلمة Layman، وقدمت الأكاديمية الفرنسية تعريفا للعلمانية بصفتها مذهبا «يعترف للعلمانيين بحق تسيير الكنيسة». في القرن العشرين استعمل الإنجليز مفهم laicization إشارة إلى تنامي سلطة اللائكيين (الملك ومستشاروه السياسيون، الخ) داخل حكومة الكنيسة.
من هنا أصل التعقيد الدلالي أو السيمانتيقي الذي يرافق هذه الكلمة. في اللغة الفرنسية تطورت دلالة العلمانية بالتدريج لتعني في الأخير «الاستقلال تجاه أي معتقد ديني وتجاه أي مبدأ له صبغة دينية، تبعا للتعريف الذي قدمه معجم لاروس عام 1888، في إطار تصطبغ فيه المسيحية بصبغة سياسية. وللحصول على الاستقلال كانت اللحظة العلمانية المناهضة للسلطة الدينية من الضروريات. وفي بريطانيا دعا تيار مناهض للإكليريكية إلى تقوية «النزعة العلمانية». وقد أسس دعاة هذا التيار المجتمع العلماني الوطني National Secular Society
تترجم الوثائق الدولية كلمة «علمانية» بـ«Secularism» والعكس بالعكس. ويقدم منظرو العلمانية ثلاثة مؤشرات للتعريف بالكلمة: حرية المعتقد، المواطنة اللائكية (بمعنى أن الحقوق والواجبات لا علاقة لها بالانتماءات و بالمعتقدات الدينية)، وأخيرا الفصل لما تتأتى شرعية الدولة من مصدر لائكي ينبني على موافقة المحكومين، مقابل حفاظ الدولة على حيادها، أي لا تدافع ولا تمول أي تيار ديني.
الأسس الفلسفية للعلمانية
يتوقف تكون المجتمعات اللائكية على استقلالية العمل السياسي تجاه الدين، لكن ضمن إطار تعددية دينية. في هذا البنيان، ساهم فلاسفة أمثال ابن رشد ومفكرون سياسيون أمثال جان بودان أو رجالات لاهوت مثل وليامز. وقد انتشرت في القرن السابع عشر الأفكار ما قبل لائكية. وكشف الحقوقي الهولندي غروتيوس عن وجود عقد أولي يتخلى بموجبه الناس عن وضعهم الطبيعي. أما هوبز، الذي راقب عن كثب الأحداث السياسية التي عاشتها إنجلترا، فيقدم أطروحة تقول إنه للإفلات من حالة الحرب والخوف، يمنح البشر سلطة اصطناعية ولا محدودة للأمير. لكن تشرذم المسيحية، مع انبثاق تعددية المواقف والآراء، وضع حدا للفرق الموجود بين السلطة الدنيوية والسلطة الدينية. وقد دعا سبينوزا إلى «حرية الفكر، «مؤكدا على أن «مراس المعتقد الديني والأشكال الخارجية للتعبد يجب أن تضبطا على معياري السلم ومصلحة الدولة» اللتين تشكلان مصدر القانون المدني والقانون القدسي».
وردا على التجاوزات التي وقعت خلال ما سمي بـ «تصريح نانت»، رفض بيار بايلي إكراهات الدين، مشيرا إلى أن الإلحاد ليست له أي عواقب سلبية على العلاقات الاجتماعية. شكل فكر بايلي تحولا أساسيا، إذ سمح للأسس الفلسفية للفكر العلماني بأن تأخذ شكلها النسقي وبأن تساعد لاحقا على انبثاق تحول في العلاقات بين الديني والسياسي.
أما الفيلسوف الإنجليزي جون لوك فقد عمق بدوره هذا النهج في «رسالة عن التسامح» ( 1986 – 1689 )، متأثرا بالتجربة الإنجليزية وبالمناخ السائد آنذاك في هولندا، وحقق كتابه اختراقا هاما. وأكد جون لوك على ضرورة التمييز بين ما يتعلق بالحكومة المدنية وما يخص الدين مع تحديد الفواصل التي تميزهما. فولتير هو أحد الفلاسفة الذين شددوا على ضرورة هذا الفصل. وقد عاش منفيا لمدة ثلاث سنوات في إنجلترا حيث استلهم أفكار الفلاسفة الإنجليز ورجالات السياسة للتنديد باستبدادية الملك، في الوقت الذي تمارس بإنجلترا سيادة البرلمان. ويشير فولتير إلى أن أولى الديانات التي جاءت باللاتسامح هي الديانة المسيحية. أما جان-جاك روسو فيدعو إلى ديانة مدنية ساعيا إلى التوفيق بين هوبز ولوك.
الجغرافية السياسية للعلمانية
تهم الجغرافية السياسية «البنيات الإيديولوجية» المؤسسة لكل مجتمع، معتقداته، طقوسه، و«الآلية الداخلية المميزة» لما هو ديني، في علاقاتها بالسياسي. لما تفرض على الفضاء السوسيو-سياسي هيمنة تصور أحادي ينحو إلى فرض معاييره، فإن العلمنة تعني في هذه الأثناء تخلص المجتمعات من هيمنة الدين لصالح «هيمنة جديدة»، هيمنة لائكية. غير أن المسار يمكن أن ينقلب أو ينحرف كما تشهد على ذلك «الفاشية» والشيوعية» التي هي ديانات دنيوية، أو كما تبرهن على ذلك أيضا عودة الدين التي تحركها مزاعم وطموحات سياسية.
في الربع الثالث من القرن العشرين وقعت المواجهة، بغاية إحكام الهيمنة، بين أيديولوجيتين: مشروع الأمة العظمى الذي حمله جمال عبد الناصر، والمشروع الذي دعا إلى إنجازه الملك فيصل حول فكرة وحدة المسلمين. غير أن ثلاث قوى سياسية ناصرت العلمانية: الأحزاب الشيوعية، حزب البعث الحاكم في كل من سوريا والعراق، ثم حزب الدستور الجديد بزعامة بورقيبة. لكن أوهام التيار القومي، إضافة إلى الاحتلال المستمر للقدس الشرقية، و كذا الثورة الإيرانية، غيرت كل المعطيات. وستعرف المنطقة تسارعا للأحداث مع الحرب العراقية الإيرانية، والحرب الأهلية بلبنان، وبالجزائر، وفشل مفاوضات أوسلو، وانبثاق أسامة بن لادن ومنظمة القاعدة، وتدخل أمريكا لتفكيك أفغانستان والعراق. في هذه الظرفية تقلص مجال العلمانية ولم يعد للنخبة، التي كانت تناضل من أجل فصل الدين عن الدولة، أي تأثير على النقاش والمناظرة لسبب بسيط هو أن النموذج الغربي، الذي اتكأت عليه وجعلت منه مرجع مراجعها، هو الذي أجج العنف الذي قوض من الداخل هذه المجتمعات.
المعطي قبال http://almassae.ma/node/15224